الجن : أسماءهم وقبائلهم وحياتهم وماذا يأكلون وكيف يعيشون ...!!!!

عندما  نتكلم عن الجن فلابد لنا أن نتكلم عن أكثر الناس معرفة بهم وهم اليهود ومن ثم أهل المغرب 


الجن : أسماءهم وقبائلهم وحياتهم وماذا يأكلون وكيف يعيشون  






قبائل الجان

الجان كائنات تستوطن عوالم الخفاء الممتدة في كل مكان من حولنا هم غير مرئيين ولكن يضطر الجان الى تقمص اشكال الحيوانات والحشرات بغاية التنكر: حمار، كلب ، قط،  صرصور، فأر  ولذلك يحاذر المغاربة ان يقتلوا او يلحقوا الاذى ليلا بحيوان او حشرة خصوصا اذا كان كلبا او قطا اسود.


ان الجان يتكلمون فتصلنا اصواتهم دون ان تدركهم ابصارنا وهم مع ذلك من كل الاحجام والاشكال: فيهم الجان الصفر والحمر والبيض والسود، كائنات مهجنة تجمع في الشكل غالبا ما بين رأس الكلب وجسم الانسان وقوائم الدجاج

بيد انهم على اختلافاتهم الخلقية والدينية تجمعهم خاصية واحدة على الاقل وان الجن جميعا لا يأكلون سوى الطعام «المسوس» (اي من دون ملح) فهم ايضا يأكلون ويشربون ويتناسلون مع افضلية في الاذواق لأكل ريش الدجاج وشرب الدم وعشق الآدميات.

والجان طبعا يموتون لكن بعد عمر طويل يمضي بالجني الى قرون عدة وقبائل الجان لا تتبع تقسيما واحدا فبينما يذهب بعض الفقهاء الى تقسيمهم على عدد يراوح ما بين 400 الى 420 قبيلة تذهب المعتقدات الشعبية الى تفضيل العدد سبعة ذي القيمة السحرية المعروفة او اربعة تارة اخرى وحسب التصنيف السباعي هناك :


أنواع الجن

الصنف الأول  :     الجان الصفر ولهم رؤوس كلاب مستديرة الشكل واجسام بشر مع ارجل دجاج ويقتاتون من العظام.

الصنف الثاني :      لهم رؤوس كلاب طويلة واجسام بشر وقوائم تشبه تلك التي عند الدجاج وهم مثل الصنف الاول غذاؤهم                                  المفضل الهياكل العظمية.

الصنف الثالث :      وتضم الجان الحمر الذين لهم عين وحيدة في الجبهة وجوههم آدمية لكن طويلة وغذاؤهم الوحيد هو ما                                   تحويه معدة البقر.   

الصنف الرابع :     يشبهون البشر ما عدا ارجلهم التي تشبه ارجل الدجاج وهم عمي بلحى طويلة يلتهمون كل ما يجدونه غير                              مالح من طعام في مساكن البشر التي يزورونهم ليلا.

الصنف الخامس :   هم صنف من الجان شديد الشبه بالانسان لكن له اقدام الدجاج وهم مسلمون لا يحبون سوى اكل الخرفان.

الصنف السادس :   هم جنود يعيشون دائما قريبين من قائدهم طعامهم يشبه طعام البشر لكن من دون ملح.

الصنف السابع :      تضم الجان الزنوج.


وفي مقابل التقسيم السباعي لأصناف قبائل الجان بحسب اللون والمزاج والهيئة ونمط التغذية المفضل ينحو التقسيم الرباعي الى التمييز بين الجان بحسب العناصر الاربعة للكون التي خلقوا منها وهكذا:

جنون الأرض:

وهم الجنون المستوطنون للأرض التي نتحرك فوقها بالمعنى الذي يفي ان لهم خاصية التفوق على غيرهم من المخلوقات ويستوطنون كل الاماكن من حولنا التي يبتعد عنها البشر المغارات والاشجار والجبال والفيافي والصحارى وباطن الارض.
ولذلك ينبغي على كل من ذهب لقطع الاشجار وتكسير حجارة الجبل او التنقيب عن الكنوز او رمي اشياء في اماكن فارغة ان يتخذ بعض الاحتياطات الوقائية كي يتجنب رد فعلهم العنيف ان هو ألحق بهم الأذى دون قصد.


احتياطات واجبة

ومن هذه الاحتياطات ما هو شفوي مثل ذكر اسم الجلالة او النطق بالبسملة عند القيام بأحد تلك الاعمال، او طقوسي لاسترضاء «الجان الارض» كتقديم قرابين تراوح اهميتها حسب اهمية العمل ما بين وجبة طعام بسيطة من دون ملح او ذبيحة.

الجنون الناريين (الجان الناري):
وهم الاقرب الى اصل الجن الذين ذكروا في القرآن الكريم انهم كائنات مخلوقة من نار.

جنون الماء (جن الماء)
يعيشون قرب الانهار والمستنقعات وهم الاكثر خطورة من بين كل انواع الجن الاخرى ويتواجدون في الآبار والعيون والغدران والبحار واشهر هؤلاء هي الجنية «عيشة قنديشة» التي سنعود للحديث عنها باستفاضة فيما يلي.

الجنون الهوائيين (الأرياح):
مواطنهم الهواء، و«يسكنون» البشر (بالمعنى الدارج الذي يعني حلولهم في اجساد وارواح البشر) للانتقام منهم ولذلك عندما يتحدث المغاربة عن شخص «مجنون» ان «مسكون بالجن» يقولون عنه انه «مرياح» او «فيه الارياح».


مشاهير الجن:

يحفل التراث الفلولكلوري في المغرب بالكثير من الحكايا والمعتقدات المرتبطة ببعض مشاهير الجن الذين يحملون صفات شنيعة واسماء غريبة تثير الرعب في نفس من ينطق بها: شمهاروش، عيشة قنديشة، التابعة، الخ,,, والراجح ان تلك المعتقدات هن بقايا معتقدات قديمة ما تزال تزن بثقلها في اللاوعي الجماعي للمغاربة حتى اللحظة الراهنة، ونقدم فيما يلي تعريفاً لبعض مشاهير الجن، وسنستثني منهم «ملوك الجن السبعة» الذين سنعود للحديث عنهم بشكل مستقل.

# عيشة قنديشة 
من اكثر شخصيات الجان شعبية لدى المغاربة انها «عيشة مولات المرجة» (سيدة المستنقعات) كما تصفها الاغنية الشعبية الذائعة الصيت ولها من الألقاب «لالة عيشة» او«عيشة السودانية» او «عيشة الكناوية» يلجأ اليها المغاربة حتى لقبها الغريب والمخيف: «قنديشة» الذي يجر النطق به لعنة غامضة.


كيف يتمثل المغاربة هذه «الجنية المائة»؟

- تارة يتم تصويرها في شكل ساحرة عجوز شمطاء وحاسدة تقضي مطلق وقتها في حبك الألاعيب لتفريق الازواج وتارة اخرى تأخذ شبها قريبا من «بغلة الروضة» (بغلة المقبرة) فتبدو مثل امرأة فاتنة الجمال تخفي خلف ملابسها نهدين متدليين وقدمين تشبهان حوافز الماعز او الجمال او البغال (بحسب المناطق المغربية).

وكل من تقوده الصدفة في اماكن تواجدها تغريه فينقاد خلفها فاقد الادراك الى حيث مخبؤها من دون ان يستطيع المقاومة وهناك تلتهمه بلا رحمة، بعد ان يضاجعها لتطفئ نار جوعها الدائم للحم ودم البشر.

حيث أن استاذا اوروبيا للفلسفة في احدى الجامعات المغربية كان يجتهد في بحثه حول «عيشة قنديشة» ثم  وجد نفسه مضطرا الى حرق كل ما كتبه حولها وايقاف بحثه ثم مغادرة المغرب، بعدما تعرض لحوادث عدة غامضة ومتلاحقة.


# التابعة
من اناث الجن الشريرات هي الاخرى وكما يدل اسمها فإنها  «تتبع» الناس بلعنة سوء الحظ (العكس) وفي الاصل هي جنية تزحف فوق الارض الى ان تصادف امرأة تحمل رضيعا على ظهرها فتتسلق قدميها ثم ساقيها حتى تصل الى الظهر فتلتهم الصغير بوحشية.

حول العلاقة الحميمة بين الانس والجن فيما يلي :

- يمكن للجن ان يقع في عشق الانس تماما كما يعشق بنو الانسان بعضهم بعضا.

- الجن «النواقم» و«الواعرين» - اي الاشرار - يغتصبون بعض الفتيات اثناء نومهن.

- قد يتزوج الجني من بنات الانس كما قد تتزوج الجنية من بعض ذكور الانس ويتم الزواج بأن يسكن الاول الثاني - بمعنى يحل الجني في جسد الانسي .

- المصاب بالصرع قد يكون متزوجا من الجن «رغم انفه» وعندما يدخل المصروع في نوبة مرض الصرع فان ذلك علامة على شروع الجني في المباشرة الجنسية.

- زواج الجان من الانس لا يثمر في العادة اولادا، أو قد يثمر اولادا من الجن غير مرئيين.

- قد يتزوج الجني من امرأة رغما عنها فيقوم بالانتقام من كل من تقدم لخطبتها حيث يدبر له مصيبة.

- الزواج من الجان يمنح الانسان قدرات خارقة -  كعلاج الامراض وغيرها.

واذا نحن صدقنا كل ما يتداول حول الموضوع فسنعلم بالضرورة ان من السحرة من يتخذ من بعض بني الجن زوجا له او زوجة, ومنهم من يظل بلا زواج من بني جنسه تلبية لرغبة زوج او زوجة من الجن، وثمة من السحرة من له زوجة واولاد من زواجه من كائنات الخفاء.

لكن المتصوف المغربي ابن الحاج وهو من أبرز مؤلفي مصنفات السحر، ينفي هذه الامكانية حيث يقول ان زواج الانسان من جنية يفقده القدرة على مجامعة بنات جنسه.

الزواج والانتقام

تقدم خديجة نعموني في أطروحتها الجامعية نموذجا لطقس «الصريع الظاهري» عن حالة فتاة عازبة في ربيعها الخامس والعشرين، تشتغل خياطة بالدار البيضاء، وتقول الباحثة ان الشرفاء الرحالين اخبرونها بأنها - مسكونة - من طرف الجني ميمون وزوجته عيشة, وسنكتفي من مشهد الصريع الطويل بالمقطع الذي يهمنا هنا وهو الذي يعترف خلاله الجني باعجابه بالفتاة, 

وتسجل الباحثة الانثربولوجية باهتمام التغيرات التي تطرأ على صوت الفتاة حين يتقمص صوت الجني.


- وبعد طلب التسليم يبدأ الجني اعترافاته «انا اسكنها بالججاب  ولا أريد بها شرا, أنا فقط معجب بها وأريد أعمل معها، ولكنها لا تريدني ,  لقد اهديتها سلسلة من الذهب فرفضتها، وطلبت منها ان تقدم لي خبزا من دون ملح ورفضت ايضا,,».

- وترد الفتاة مستجيرة بأنها لا تريد الذهب من الجني، ولا الذهاب معه لانه سيسجنها هناك، ليفعل بها ما يريد وانه يطلب منها ان تشرب الدم,, الخ.

إن إهداء الجني او الجنية للانسان سلسلة من الذهب او حين يطلب منها خبزا من دون ملح، في معتقد المغاربة له معنى قاموس لغة الجن، ويفيد بأن الجني او الجنية يعرض على الانسي ان يمكنه من قدرات خارقة تجعله يتفوق على غيره من بني البشر.

وحسب المعتقدات الشائعة، فإن رفض عرض الجن ينتج عنه الحاق مرض بالرافض او الرافضة يكون عضالا.

ومن اهم اعراضه : حمى - شلل - صرع - نزيف - الام في العينين - تشنجات - الخ,, اما في حال الموافقة على طلب الجن، فإن الرجل او المرأة المطلوب للزواج ينبغي عليه ان يقتنص الفرصة ويطلب اي شيء مهما كان خارقا قبل الموافقة، والا ضاعت عليه الفرصة التي لا تعوض.

العشق

باقليم الجديدة بالمغرب ...أحدهم تحول في وقت وجيز من نادل في مقهى الى ساحر معالج مشهور، والسر كما افشى لبعض معارفه، انما يكمن في زواجه من جنية اشترطت عليه قبل سنوات قليلة الا يتزوج عليها من آدمية، وهو يعيش فعلا حياة عزوبة وثراء في احد المراكز الحضرية الصغرى باقليم الجديدة.

وفي رسالة نشرها ملحق من القلب - الذي تنشر فيه جريدة الاحداث المغربية مشاكل الشباب - قبل اشهر كتب شاب ليشتكي للقراء من تسلط جني عليه، وقال انه احال حياته العائلية الى جحيم منذ وقوعه - الجني - في هوى زوجة المشتكي.
ويحكي الشاب في مرارة واستسلام ان الجني المغتصب - يختلي - كل مساء بالزوجة في غرفة النوم ويهدده من خلف الستار بأن ينزل به أوخم العواقب ان هو لم يطلق زوجته كي يتمكن الجني من الزواج بها,.

ولكن  كيف تبدو الحياة الزوجية للبشر مع الجن في تصور العامة؟

يبدو ان الانسان المتزوج من الجان - رجلا كان او امرأة - ميالا الى العزلة، منغلقا على نفسه ويكلم نفسه دائما, وتؤول نوبات الصرع لدى البعض على أنها لحظات المجامعة الجنسية, كما يستدل بوقوع الرجل اثناء النوبة، على بطنه بينما تقع المرأة على ظــهرها فوق الارض عندما تنتابها نوبة صرع.

ولأن هاتين الوضعيتين هما اللتان يتخذهما كل من الرجل والمرأة خلال الجماع - المرأة تحت والرجل فوق - فليس أبسط من تأويل لحظات الصرع على أنها لحظات المجامعة الجنسية.

ولا ينتج عن الزواج من الجن اطفال او على الاقل لن يكونوا آدميين، اي لن يكونوا مرئيين، كما اسلفنا.

وعندما يتوفى «الشريك» الجني يختلف مصير زوجه او زوجته، بحسب ما يعتقد, فبينما يكون مصير الآدمية المتزوجة من جني اللعنة الازلية والحياة في عوالم الجن السفلي، نجد مصير الارمل الذي يفقد زوجته الجنية يحظى بتعامل مختلف, فالجنية حين تموت تأخذ معها زوجها وابناءها الى حيث قبيلتها كي يحضروا مراسيم دفنها.

ومن حق اهلها أن يروا ابناءها متى شاءوا كما ترث العائلة من الجنية صندوقا يجد فيه الزوج الابنــــاء كل ما يكفي لعيــشهم على الارض.

ملوك الجان السبعة


 ملوك الجان السبعة تقام لهم حفلات ذكر حفلات خاصة كي تحضر وتدخل في جسد وتسرع في كشف اسرار النسوة المحيطات بها.



اما شمهورش الذي تطلق عليه العامة اسم شمهاروش او سيدي شمهاروش الطيار فشهرته تتجاوز حدود المغرب الى الشمال الافريقي وربما مصدرها ـ اضافة الى غرابة الاسم ـ كونه الوحيد من الملوك السبعة الذي خصص له مقام مقدس معروف.

ويعتقد الناس في جنوب المغرب (سوس) انه هو الذي يخرج من منابعها كل الانهار والاودية التي تخترق بلادهم وهو الذي يقود مجاري المياه العذبة في تلك المناطق شبه القاحلة، لتروي الأرض والبشر والدواب,,.
العامة
واعتبارا للمكانة المهمة التي يحظى بها لدى العامة فقد اقيم لهذا الجني الملك مزار عند قدم جبل توبقال في الاطلس الكبير، الذي يعتبر اعلى قمة جبلية بالمغرب


«الحضرة» وليمة طقوسية

«الحضرة» هي احتفال طقوسي يشبه حفلات الزار في مصر، يجري تنظيمها في مواعيد سنوية محددة كعيد المولد النبوي وليلة القدر او خلال شهر شعبان كما يمكن ان تنظم خارج تلك المواعيد بطلب من ميسوري الحال او بأمر من (عريفة /العرافة ) وهي المرأة التي تتوافر لها سلطة التوسط لدى الجن.
وتقام الحضرة داخل فضاء مغلق وحميمي، من اجل تخليص المرضى الممسوكين بالجن، الذي تسبب لهم بهذا الشكل او ذاك في متاعب صحية او اجتماعية.
«الحضرة» ليست بهذا المعنى حفلا لصرع الجن، لأن «الصريع» يتميز بالتعامل العنيف مع المرضى (ومن خلالهم مع الجن) بينما الحضرة هي طقوس احتفالية اشبه ما تكون بعرس صغير يقام على شرف الجن و«سادتهم» وتكون خلالها (العريفة) العرافة هي نجم الحفل وسيدته.
وتتم برمجة طقوس الحضرة وفق تسلسل منظم يسري على بضعة ايام او يوم واحد حسب الحالات و«الحضرة» تمارس في المغرب خلال بعض المناسبات الدينية كعيد المولد وشعبان (في هذه الحالة تسمى «شعبانة» وتتم وفق النموذج التالي:
في اليوم الاول، تلبس (العريفة) (وهي منظمة الحفل) ثوبا ابيض و«تنقش» يديها بالحناء وتجلس وسط الحفل ومن حولها تدق الطبول وتنشد الامداح النبوية وشيئا فشيئا يرتفع ايقاع الرقص الى ان يفقد الحشد البشري زمام التحكم في النفس وعند نهاية الحفل تنفس الحاضرات عن رغباتهن المكبوتة عبر شحنات «الجذبة».
حين يعود الهدوء يتم ذبح دجاجة فوق رأس العرافة التي تشرب من الدم الحار المنساب عليها ثم تمسح فمها بمنديل ابيض لم

يستعمل قط من قبل.
وخلال اليوم الثاني من «الحضرة» يتم ذبح عنزة سوداء اللون (القوة السحرية للون الاسود) وترتدي العرافة ثوبا بلون اصفر (الاصفر هو لون «ميرة» كما رأينا) ويهتز الحاضرون على وقع دق الطبول والاناشيد الصادحة في ترديد موحد: (اللاميرة هاك الجاوي، هاك البخور) ثم توزع في اثر ذلك اكلة خاصة بالمناسبة تسمى (الحلو والمسوس) وهي وجبة دجاج مهيئة بتوابل خاصة ومن دون ملح لأن الجان الذي سيأكل» منها لا يحب الملح يتناول جميع المحتفلين حصتهم من الحلو والمسوس وتدهن الحاضرات به اجسامهن كما ترش اركان البيت الذي تقام به «الحضرة» بهذا الاكل «اطعاما» للجن منه بالمجان بينما يضع كل من تناول حصته ممن بين الحاضرين مقابلا ماليا في اناء خاص يطاف به عليهم.
وفي اليوم الثالث من «الحضرة» تلبس العرافة (وهي عروس الحفل) ثوبا احمر (وهو اللون الخاص بملك الجن الاحمر) ويوزع على الحضور القليل من الحليب والتمر والجوز في مقابل مقادير مالية (دائما) يضعها كل واحدة فوق اناء خاص ثم يردد الجميع بعد ان يشتد هيجان الحشد اناشيد على شرف (مول الاحمر سدي حمر).
اما اليوم الرابع والاخير من ايام الحضرة فيخصص لـ «حلان المائدة» (فتح المائدة) وليس يعني فتح المائدة سوى تقديم الاتعاب للعرافة في شكل اموال وهدايا يقدمها لها المشاركون في الحفل شكرا وعرفانا.
والذي سبق له ان عاش اجواء ليلة من ليالي الحضرة كان شاهدا من دون شك على حالات فقدان الشعور الهذياني التي تتملك بعض النسوة في غمرة الرقص المحموم فيسقطن والشعر منسدل يكنس الارض وهن يتمرغن في هذيان يجري تأويله من قبل العرافة بأن الجن يقاوم الخروج, وتأمر اهل «المجذوبة» بعدم الاقتراب منها تجنبا للأذى ومن دون شك فإن للإيقاعات الطبلية المضبوطة دورا اكيدا في اطلاق القيود النفسية التي تكبل النساء فيندفعن نحو حلبة الرقص المجنون الى حين إفراغ آخر شحناتهن العصبية ثم ينهرن.

القرابين

ما زالت تمارس طقوس  في بعض اضرحة المدن الساحلية لكن بشكل اقل سفورا, فـ يتم ذبح الديكة، التي تحمل مواصفات خاصة ورميها في البحر قربانا لتهدئة غضب «الجنون البحريين» وشدة وطأتهم على المرض.
وعندما لا تفيد الطقوس الاحتفالية ولا القرابين المقدمة في تهدئة الجان و«اخراجه» من مساكنه الآدمية ينصح المريض باللجوء الى محكمة الجن الكبرى في (بويا عمر) باقليم قلعة السراغنة، وهي محكمة غيبية تمنحها الاسطورة مطلق الصلاحيات والسلطات في فض النزاعات بين الانس والجان، بشكل سلمي.

الجان الحامي / الجان المؤذي

الجن يدق العظم، ويشرب الدم، وينهك الجسد، ويخرب الدور، ويهدم القصور، ويعمّر القبور, وهذا النوع من الجان يوجد بالقرب من عين البحر الأزرق، وعندما يسخره أحدهم لالحاق الأذى، فانه يسقي الضحية من هذا الماء، فلا يشفيه من أذاه «طالب» ولا طبيب الا اذا قضى الله أمره».

انواع الجان المنتقم

كيف ولماذا اذن، يعتدي الجان على الناس؟ وكيف يمكن للانسان أن يتفادى أذاهم؟

- بحسب الاعتقاد الشائع، فان اعتداء الجان يكون في واحدة من حالات ثلاث:

# أن يكون الجني من صنف الجان «النواقم» أي الكفرة المتمردين، فيأتي اعتداؤه مجانيا على بني البشر، وبدون سبب واضح.

# أو قد يكون الجني «مسخرا» لالحاق الأذى بواسطة «جدول» يصنعه الفقيه الساحر بناء على طلب من طرف جهة ماّ.
ويتم دفنه (الجدول السحري) في ركن مجهول من مقبرة مهجورة (الروضة المنسية).
وبحسب ادعاء السحرة، فان هذا النوع من «الديار» (أي العمل السحري المؤذي) هو أخطر ما يمكن أن يلحق الانسان نظرا لصعوبة التعرف على مكان دفن الجدول، وبالتالي استخراجه منه وابطال مفعوله,

# حالات الاعتداء، هي التي تأتي كرد فعل انتقامي من الجان على أذى لحقهم (عن قصد أو بغير قصد) من طرف انسان.

وقد بلغ الاعتقاد في مسؤولية الجان عن كل ما يصيب البشر من الأمراض الى حد تسمية المغاربة لأمراض معينة بأسماء الجان، الذين يعتقدون في مسؤولية مخلوقات الخفاء عن اصابتهم بها.

وتستعمل العامة للتحرز من أذى الجان أحجبة أو مواد واقية أخرى كالملح، «الذي لا يحبه الجان»، كما يعتقد, ويعلق أو يحمل في تلافيف الثياب، أو يوضع قليل منه تحت وسادة النوم, كما يستعمل أي شيء مصنوع من الحديد

ولذلك نرى الناس يسارعون كلما سقط مصاب بالصرع في الطريق العام، الى وضع حاملة مفاتيح بين أصابع يده، اعتقادا منهم أن المصروع مصاب بمس من الجان، وأن كل ما هو مصنوع من الحديد يطرد الجان!

تسخير الجان

أورد السيوطي في كتاب (الرحمة )، وهو من أكثر كتب السحر رواجا بالمغرب، حيث يقدم من ضمن وصفاته الغريبة واحدة يقول انها تسمح باستدعاء الجان (كذا!).
واذ نذكرها هنا، فمن أجل الكشف عن أساليب الدجل والخرافة، ولا ننصح القارئ بتجريبها,فمن شأن ذلك أن يجعله يفقد بصره، ربما، بدل استدعاءالجان!
يقول السيوطي: «,,,من أراد أن ينظر الجان ويعرف مكانهم، فليكتحل بمرارة سنور (قط) أسود ومرارة دجاجة سوداء، (لنلاحظ هنا مرة أخرى القيمة السحرية للّون الأسود) يخلطهم جميعا ويكتحل بهم (يضعه على عينيه كالكحل)، فانه يدعو الجان ويخبروه بما يريدون ».

وصفة قديمة

 من أجل «دعوة الجان» ينبغي القيام بوصفة سحرية تفصيلها كما يلي:

تم احضار الحناء والملح وسميد القمح من عند سبع نساء (نلاحظ مرة أخرى القدرة السحرية للرقم سبعة) ولدن لأول مرة، ولم يسبق لكل واحدة منهن الزواج سوى من زوج واحد, تخلط هذه العناصر جميعاً وتعطر بــ «الجاوي» الذي تم احراقه في «مهراز» (مدق) ويحمل الخليط المحصل عليه من العملية الى الحمام والى المجزرة وسوق الحبوب وبالقرب من عيون الماء والآبار وعند تقاطع الطرقات، والى كل الأماكن الأخرى التي يطرقها الجان.
ويرمي في كل مكان شيء من هذا الخليط، مع تلاوة دعاء خاص لاستحضار الجان ودعوته الى حضور موعد في مكان وزمان يتم تحديد هما له.
وفي المساء، يجلس الساحر (أو الساحرة) مع الزبون لانتظار حضور الجني المدعو, فيحل في أحد أركان المنزل عند الموعد ويظهر, ويمكن أن يَطلُب منه الداعي ما يشاء.

خـلـق الجان الـحـامـي


ومن العادات القديمة التي اشتهرت في المغرب والتي لا تزال تمارس على نحو واسع حتى اليوم؛ أن يقدم شخص قربانا عند بداية أو نهاية الأشغال لتشييد منزله أو بناية مقاولته.

ويُعتقد أن الجان تتغذى بدماء القربان التي سالت في المجاري, وبهذا المعنى يكون القربان وجبة يشترك في تناولها الانس والجن, وفي تقاليد المغاربة أن مشاركة أحد في تناول الطعام تعني خلق أواصر مودة وتقارب معه, ومنه نفهم ـ ربما ـ أن «قربان البناء» هذا انما يهدف الى خلق مودة بين صاحب البيت والجن الذي سيسكنه.
إن هذا النوع من القرابين انما يستدعي جني، من روح القربان حتى يتكلف بحماية البيت المبني , فيصبح البناء «مسكونا» من طرف جني يحميه!
ومن العادات الأخرى الشائعة، أن يقدم الداخل الجديد على بيت بهدف الاقامة به، بعض الهدايا توددا للجن الذي يسكنه, وتندرج هذه الطقوس ضمن ما يعرف عندنا بـ «طلب التسليم» أي اظهار الخضوع للقوى الخفية التي «تسكن المكان» 

وتختلف قيمة ونوع القربان المقدم في هذه الحالة اختلافا كبيرا بحسب الوضع الاجتماعي للمقيم الجديد وبحسب المناطق, فقد يذبح كبشا أو دجاجا، ليريق دمه في المجاري أو يفرغ فيها كيس ملح صغير أو مواد غذائية سائلة أخرى، تفرغ في نفس المكان كالزيت أو الحليب وغيرها

هناك تعليق واحد: