سر المهنة يكمن في صاحبها لا في اسمها

يذكر الكثيرون منا، كيف كانت الإجابة على السؤال التقليدي الموجه للأطفال: ماذا تريد أن تفعل في المستقبل؟، تنحصر في عدد محدود من المهن، مهندس، طبيب، محامي. يقولها الطفل بنوع من عدم الثقة، يفضح خضوعه لتلقين قصري من الكبار القائمين على تربيته بسبب حرصهم على حجز مرتبة عالية لأبنهم على خارطة التسلسل الاجتماعي وكذلك الأفكار المسبقة عن الرواتب المتوقعة. لكن النتيجة غالباً ما تكون عكسية. أكثر الأمثلة وضوحاً اليوم هم شباب التكنولوجيا والتطبيقات الذكية. فأغلب هؤلاء يأتون من حقول بعيدة عن المعلوماتية والإتصالات، ولكن المثابرة وحب الإطلاع لديهم ساهم في خلق فرص وإبداعات حقيقية أثرت المحتوى التكنولوجي وإنما درت عليهم بالأموال الطائلة، فيكفي إلقاء نظرة على الأثرياء الجدد واللذين غيروا مسار التواصل لنرى بأن أغلبهم لم يتعدى بعد سن الثلاثين!

خلص تحقيق أجرته الكاتبة الصحفية ماريا أتاناسوف في نيويورك مباشرةً مع عدد من العاملين في مجالات غير مثيرة للانتباه، إلى نتائج مثيرة حول إمكانيات الربح الوفير. يلاحظ مغني الأوبرا ديفيد لي أن أحد أفضل الأعمال التي تدر ربحاً جيداً هي نجار المسرح التي تتراوح بين ٣٠٠ و ٥٠٠ ألف دولار أمريكي سنوياً، في حين يرى دايفيد روز أن الأعمال التي تخضع لحماية نقابات العمال توفر أرباحاً عالية، مثل الشخص المسؤول عن تشغيل المصعد الخارجي لموقع بناء. ويعلل بالقول: "صحيح ما يُقال بأن عامل المصعد يقوم فقط بتكبيس الأزرار، لكن هناك عوامل أخرى متداخلة تجعله يتقاضى أعلى الرواتب، متخطياً جميع المشرفين ومدراء العمل في موقع البناء! والحديث هنا عن مئات الآلاف من الدولارات." وحسب رأي  نيميش براثا فإن عامل الرافعة في نيويورك يتقاضى ٥٠٠ ألف دولار سنوياً. ولا ينسى "براثا" التذكير بأن المهنة شاقة ولا تخلو من المخاطر.


ثمة أعمال روتينية ومتواضعة برواتب جيدة، ليست خطيرة ولا تحميها النقابات، مثل اصطحاب الكلاب للنزهة خارج المنزل. يقول "آ. بودمان": "الشخص الذي يأخذ كلابنا للنزهة يطلب ٢٥ دولاراً كل مرة. ويأخذ ثمانية كلاب كحد أقصى، ولمرتين يومياً، مما يعني ٩٦ ألف دولار سنوياً. يقضى الشخص ثلاث ساعات سيراً في المتنزهات، فيكون يوم عمله ست ساعات. ويقول عامل بأحواض السباحة أنه جمع أكثر من ٦٠ ألف دولار زائد البقشيش خلال ستة أشهر. ويضيف: "كنت أطلب ٤٠ دولار لتنظيف المسبح أسبوعياً، تتطلّب ٤٥ دقيقة لكل مهمة، وأنظف نحو ١٠ مسابح يومياً لستة أيام في الأسبوع وستة أشهر في السنة، واستمر عملي لخمس سنوات، وهذا ممتاز لشاب بعمر ١٨ عاماً، دون مؤهل جامعي."


يمكن الاستغناء عن المؤهلات في كثير من الحالات، حيث تنظم الشركات دورات تدريبية تتيح لأصحاب المواهب الوصول تدريجياً إلى مناصب قيادية مقابل المثابرة والصبر على تحقيق الهدف المنشود، مواقع الإعلانات المصغرة نموذج للإعلان عن هذه الدورات وكذلك الإعلان عن الخدمات والمؤهلات. في العالم العربي لدينا أمثلة كثيرة، إحداها موقع خمسات لتقديم الخدمات المصغرة، حيث بإمكان الجميع طرح خدماته ولكن عليه أيضاً أن يكون مثابراً وصادقاً. مهن أخرى تدر أرباحاً مرتفعة بسبب تقديمها للزبائن شعور بالراحة مثل تصفيف الشعر، فمداخيلهم في الهند مثلاً تفوق عوائد مبرمجي الحاسوب، في حين أن مبرمجي الإعلانات يتقاضون رواتب خيالية في أوربا.

حدد قدراتك وتسلح بالمثابرة والصدق، لتصل إلى ما تريد.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق